خلاصة القول: كان (بوضربة) نموذجا للمتعاونين المقاومين، المتعاونين مع السلطة الاستعمارية والمقاومين للمشاريع الاستعمارية. فأفادت منهم فرنسا خلال المرحلة الأولى ثم نبذتهم مرة واحدة وإلى الأبد. حتى أنه بات من الصعب معرفة المصير الذي انتهى إليه منذ سنة ١٨٣٤ أي بعد أربعة سنوات من عمر الاستعمار الإفرنسي للجزائر.
٣ - المفتي الحنفي سيدي محمد بن العنابي:
عرف المفتي الحنفي العنابي بأنه شخصية فاضلة ومحترمة من معاصريه، وقد هاله ما كان يجري في البلاد من ممارسات وأعمال تتنافى مع شروط التسليم، وتتناقض مع مبادىء الثورة الإفرنسية. لذلك كتب سلسلة من الرسائل إلى الجنرال (كلوزول) يذكره فيها بنصوص الاتفاق الجزائري - الإفرنسي، وينبهه إلى العواقب المدمرة التي قد تجر إليها السياسة المتبعة آنذاك. وقد أرادت السلطات الإفرنسية إبعاده من الجزائر، فاختلقت له سببا، وهو أنه كان يتآمر ضد الدولة بالاتصال مع العرب، وأنه كان يعمل لصالح عودة الحكم الإسلامي إلى الجزائر. وعلى أية حال فقد ألقى (كلوزول) عليه القبض وسجنه بعض الوقت ثم نفاه. - ويذكر خوجة أن اعتداء شنيعا قد وقع على عائلة العنابي أيضا -. وحاول خوجة أن يفهم التهمة الموجهة إلى صديقه العنابي فكان يذهب مرة إليه ومرة إلى كلوزول - وقد أخبره هذا بأن المفتي كان على اتصال بالعرب وأنه كان يحاول إثارتهم ضد الإفرنسيين لذلك ألقى عليه القبض. وعندما ذهب إلى المفتي، نفى التهمة نفيا قاطعا. وأخيرا عرف خوجة السبب - الذرائعي - وقصه بشيء من العاطفة. فقد زار