أحد مترجمي الجيش الإفرنسي المفتي العنابي، وأعلن له أن (كلوزول) سيجلو عن الجزائر، وأنه ينوي تسليم مقاليد الحكومة إليك، فهل باستطاعتك أن تنظم جيشا وأن تعد قوة تهدىء البلاد وتدافع عنها؟. فأجابه العنابي:(بأنه سيبذل جهده في التنظيم عندما يحين الوقت) ثم سأله المترجم: (وهل ستصلك الجنود من داخل البلاد، أو أنك ستعتمد على قواتك في مدينة الجزائر وحدها؟) فأجابه العنابي: (سأجند عندما يحين الوقت من المدن ومن جميع أنحاء البلاد، وسيكون في استطاعتي أن أجند ثلاثين ألف رجل) ويؤكد خوجة أن المترجم المذكور قد أخفى شخصين ليشهدا على هذه المحادثة. وبهذه الوسيلة أوقع الإفرنسيون بالمفتي العنابي في الفخ - على حد زعمهم - ووجدوا له حجة من أجل إقصائه عن البلاد. وقد حضر خوجة وطلب من كلوزول أن يمهل المفتي بعض الوقت حتى يبيع أملاكه وينهي التزاماته. ولم يحصل له على عشرين يوما إلا بشق النفس وبتقديم ظمانات شخصية. وخلال هذه الفترة استطاع أن يبيع عقاراته وأثاثه ويقضي حوائجه ليغادر الجزائر بعدها إلى الإسكندرية. وقد كان اتخاذ مثل هذا الإجراء سببا لإسكارت السلطات التشريعية في البلاد كالقضاة ورجال الإفتاء، لأنهم لم يعودوا إلى الاحتجاج على خرق شروط التسليم خوفا من مصير كمصير المفتي العنابي.