وداعا يا جزائر الأحرار! وداعا يا جزائر المسلمين المجاهدين الصابرين!
ومضى الأمير، وما كاد يصل (طولون) حتى وجد نفسه وعائلته وحاشيته في القيود، لقد فرضت فرنسا عليهم الإقامة في قلعة (لامالق). واحتج الأمير، فعرضت عليه فرنسا اختيار البقاء في فرنسا ومنحه قصرا لإقامته وحاشيته، غير أن الأمير رفض كل العروض والإغراءات. لقد كان يفضل البقاء في ديار الإسلام عن كل كنوز أعدائه وثرواتهم. ولم تمض عليه فترة طويلة في سجنه حتى بلغته أخبار انهيار (ملكية لويس فيليب) في ٢٨ شباط - فبراير - ١٨٤٨ م. وعرف أن الضمانات التي قدمت له قد زالت بزوال الحكم الذي تعهده له بها، على الرغم من غدر هذا الحكم بما تعهد به. فكتب (الأمير من سجنه) إلى الحكومة المؤقتة للجمهورية. منددا بما لحق به من غدر. فكان كل ما فعلته حكومة الجمهورية أن نقلته إلى قصر (هنري الرابع) في مدينة (بو)(١) والتي وصلها الأمير يوم ٢٠ نيسان - أبريل - ١٨٤٨م. وكان
(١) بو: (PAU) عاصمة إقليم بيارن (bearn) في البيرينه السفلى (BASSE PYRENEES) تقع على نهر الكاف، وهي إلى الجنوب الغربي من باريس وعلى بعد (٧٦٠) كيلومترا منها.