للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتردد على الأمير في هذه المرحلة بعض القادة الإفرنسيين والأساقفة، وقد أذهل الأمير جميع زواره بثباته، رغم ما نزل به من البلاء بفقد أعز الناس لديه (ابنه وابنته وابن أخيه) الذين قضوا حياتهم بين يديه، وكان الأمير يمضي وقته بالعبادة صابرا محتسبا متجلدا. صلبا كجبال الأوراس، غير أن هذه القوة كانت تنهار لدى تذكر أولئك - أخوان الجهاد الذين سقطوا فوق ثرى الجزائر الطهور، وهم يرفعون راية الجهاد في سبيل الله، فتترقرق عيون الأمير بالدمع لتذكرهم. وحاول الإفرنسيون فصل الأمير عن حاشيته واتباعه، غير أن هؤلاء هددوا بالموت إن هم أبعدوهم عن أميرهم. أصبح (لامورسيير) وزيرا للحربية الإفرنسية في (حزيران - يونيو - ١٨٤٨) وكتب له الأمير مذكرا بوعده الشخصي، علاوة على ما يجب أن يلتزم به من الشرف باعتباره ممثلا لفرنسا. وفي حالة من حالات اليأس، فكر أتباع الأمير بعملية انتحارية للموات من أجل إثارة قضية الأمير، وذلك بالتصدي للحرس المسلح، وخوض الصراع معه، وعلم وزير الحربية بذلك، فقرر نقل الأمير وحاشيته إلى (قصر امبواز) (١) وتم ذلك يوم ٢٢ تشرين الثانى - نوفمبر - ١٨٤٨ م. وصعد (لويس نابوليون) إلى عرش فرنسا، وبعد ٢٤ يوم من انتخابه، تم عقد مؤتمر لمناقشة قضية الأمير عبد القادر (يوم ١٤ كانون الثاني - يناير - ١٨٤٩) ووقف نابوليون الثالث إلى جانب طلب الأمير في الإفراج عنه، والسماح له بالتوجه إلى البلد الذي يريد، غير أن (الجنرالات) عارضوا ذلك. وأرسل (بيجو)


(١) أمبواز: (AMBOISE) مدينة في دائرة (تور) مقاطعة (إيندر واللوار) تقع على نهر اللوار بها ولد ومات شارل الثامن. وقد استخدم قصره لإقامة الأمير عبد القادر (١٨٤٨ - ١٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>