لم تكن الثورة التي انفجرت في الجزائر في الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٥٤ مجرد رد فعل على سياسة معينة، أو نتيجة إجراء استعماري محدد. فلقد كان نسيج الثورة متصلا بعرى وثيقة ومتلاحمة مع مجموعة الحروب، والثورات والانتفاضات، وأعمال المقاومة التي اضطلع بها شعب الجزائر، طوال ليل الاستعمار الذي بدأ بالغزو الإفرنسي البربري للجزائر المحروسة في سنة ١٨٣٠، والذي انتهى بانفجار الثورة التحررية الكبرى في سنة ١٩٥٤.
قرن وربع القرن؛ وشعب الجزائر المجاهد يحمل السلاح ضد الغزاة البرابرة .. لم يهن له عزم، ولم تلن له قناة، وهو يدفع بقوافل الشهداء، القافلة في إثر القافلة، والموجة تلو الموجة، حتى حقق أهدافه.
ولقد تحمل الشعب الجزائري من عنت المستعمرين، وجور أجهزة الاستعمار؛ ما لم يحتمله شعب من شعوب العالم، دونما تحيز أو مبالغة، وعلى الرغم من ذلك فقد استمر في مقاومته، وأتعب فرنسا ولم يتعب، غير أن هذه الحرب طويلة الأمد، عملت على تغيير مجمل أوضاع الجزائر تغييرا كبيرا؛ لا في مجال الاقتصاد وحده، ولا في مجال التكون