الاجتماعي والثقافي أيضا. وإنما في مجموع الأوضاع التي يعيشها المواطن الجزائري والوطن الجزائري. هذا من ناحية، ومن ناحية
ثانية - وعلى نحو ما سجق عرضه في الكتب السابقة من هذه المجموعة.
فقد جاءت الثورة الرائعة ثمرة إعداد طويل .. بدأ على وجه التحديد بالنشاط السياسي الذي قام به الأمير (خالد الهاشمي) في العشرينيات من هذا القرن، واستمر بعد ذلك عبر (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) من جهة، والتنظيمات السياسية من جهة ثانية، وعلى هذا فإن الثورة الجزائرية الكبرى تتصل بمجموعة الأوضاع الناجمة عن الوجود الاستعماري ذاته، والذي دفع البلاد ومواطنيها إلى أوضاع لا يمكن معالجتها إلا بإجراء تغيير جذري وشامل، ومضاد بالضرورة للاستعمار الاستيطاني. وقد جاءت مذبحة أيار - مايو - ١٩٤٥، وأعمال القمع التالية لتشكل الحافز المباشر للثورة. ومن هنا قد يكون من الضروري استقراء بعض ملامح الوضع العام للجزائر عشية ثورتها المباركة.
...
لقد عرفت الجزائر، منذ أقدم العصور، بغنى ثروتها الطبيعية، شأنها في ذلك شأن كل أقطار المغرب العربي - الاسلامي. ولقد أقام الفينيقيون على شواطئها عددا من المراكز (الزراعية - التجارية) التي سميت فيما بعد باسم (أهراء روما) قبل أن يطلق عليها اسم (افريقيا ذات الأرض الخصبة). وقد عاشت الجزائر قبل أن تجتاحها جحافل الغزو الاستعماري الافرسي في سنة (١٨٣٠) حالة ازدهار حقيقي، وعرفت رغد العيش. فالزراعة فيها كانت متطورة،