توافر لها من الخبرة والثقافة والمكانة الاجتماعية. وهذه المجموعة هي من النوع الذي يمكن وصفه (بالمعتدلين) أو (الواقعيين) والذين
حاولوا التحرك في إطار الظروف الزمنية والمكانية ضمن مفهوم (انقاذ ما يمكن انقاذه). وظهر بعضهم وهو يحاول إقامة علاقات مع فرنسا لمصلحة الإسلام ولمصلحة الجزائر المجاهدة. غير أن هؤلاء لم يلبثوا أن سقطوا تباعا، ذلك أن أرضيتهم الدينية والقومية والوطنية تجعلهم بصورة حتمية يقفون في النهاية في الصف - أو في الخندق - المعادي للاسعمار. وقد يكون من المناسب، إكمال صورة الموقف باستقراء الملامح العامة لبعض هذه الشخصيات وجهادها خلال مرحلة التحول الحاسم في حياة الجزائر.
١ - حمدان عثمان خوجة:
كان حمدان عثمان خوجة، منسوبا إلى حضر الجزائر، تاجرا كبيرا، ومالكا غنيا من أثرياء مدينة الجزائر وكانت له أراضي في سهل (متوجة - متيجة) وله أملاك في المدينة. وقد ولد في أواخر القرن الثامن عشر من أسرة لها مكانتها البارزة في الدولة. فكان عمه أمين السكة (أي مسؤول المالية) وكان والده أستاذا للقانون، ثم كاتبا من الدرجة الأولى للدولة. وقد مكنه ذلك من الحصول على ثقافة عميقة ومعرفة شاملة بشؤون الدوله والبلاد عامة، كما مكنه من السفر إلى المشرق وإلى أوروبا للتعرف على أحوال العالم القديم (الشرق) والجديد (أوروبا) وكان ذلك في وقت دقيق يشهد تغيرات جذرية في السياسة الدولية (مؤتمر فيينا) وفي التفكير الإنساني نتيجة الثورة الصناعية.