كان خروج قوات محمد علي باشا من سوريا هو البداية لمجموعتين من الأحداث المتتالية، أولاهما: مشكلة الأقليات في بلاد الشام، والثانية: المشكلة اليهودية. وارتبطت المشكلتان ارتباطا وثيقا بالأمن الذي باتت أعباء تحقيقه في سوريا ملقاة بكل ثقلها على الحكومة العثمانية. ومن المعروف أن معظم هذه الأقليات (الدروز والموارنة خاصة) كانت قد استقرت في جبال لبنان منذ أجيال وظهرت منها عائلات مارست دورا قياديا من أمثال المعنيين والتنوخيين والشهابيين. وظنت الحكومة العثمانية أن بوسعها كسر شوكة زعامة هذه العائلات بمثل الطريقة التي سبق للسلطان محمود اتباعها في آسية الصغرى، من أجل إخضاع لبنان مباشرة لسلطة الوالي العثماني. وكان الأمير بشير الشهابي، الذي أسلم البلاد يوما إلى إبراهيم باشا قد فر إلى مالطا في تشرين الأول - أكتوبر - ١٨٤٠ على متن سفينة حربية بريطانية. وكان ابنه الأكبر ضعيف العقل، في حين كان ابنه الأصغر غير كفء لخلافته. ولكن فرنسا التي انتحلت لفسها حق حماية نصارى الشرق - والموارنة منهم بصورة خاصة، كانت غير مستعدة للموافقة على اضمحلال الإمارة المسيحية من غير أن تحرك ساكنا. ونزولا عند