ضغط الدول، عين الباب العالي أحد المتقدمين في السن من أبناء أخي الأمير بشير حاكما. ولكنه حرك الدروز في الوقت نفسه للثورة، مما اقتضى احتلال لبنان كله إحتلالا عسكريا. حتى إذا رفع النصارى صوتهم بالشكوى، عين الباب العالي لجنة أنهت أعمالها برفع شكوى إلى الباب العالي تلتمس فيها إقامة إدارة تركية في البلاد. واتخذت الدولة العثمانية قرارها في آب - أغسطس - سنة ١٨٤٢ بتقسيم لبنان إلى منطقتين إداريتين، يحكم إحداهما زعيم من الزعماء الدروز، في حين يحكم الأخرى زعيم من زعماء الموارنة، يحمل كل منهما لقب، (قائم مقام) أما في المناطق المختلطة، مثل منطقة المتن الهامة الواقعة على طريق دمشق، حيث كانت أكثرية مارونية تعيش في ظل المشايخ الدروز، فقد توجب على كل قائم مقام تعيين نائب عنه. وحيث أن الدول العظمى كانت تلح على أن يدفع الدروز التعويضات عن الخسائر الناجمة عن ثورة ١٨٤٢، فقد اندلعت نار الحرب الأهلية، من جديد، في نوار - مايو - سنة ١٨٤٠. عندئذ عمد الباب العالي إلى نزع السلاح من الفريقين، وأقام إلى جانب كل قائم مقام مجلسا يتمتع بصلاحيات إدارية وقضائية، ويتألف من ممثلين عن مختلف طبقات الشعب.
مات محمد علي باشا سنة ١٨٤٨، وكان ابنه إبراهيم باشا قد توفي قبله بثمانية أشهر. وخلفه ابنه عباس باشا، وكان مسلما حقا يزدري التربية الأوروبية ازدراء بعيدا. ولم يكد يرتقي العرش حتى وضع المشروع القاضي بشق قناة السويس لوصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط. وإذ كان أصحاب رؤوس الأموال من الإفرنسيين يبدون اهتماما بهذا المشروع فقد عارضه البريطانيون، وروجوا لمشروع مضاد يقضي بمد خط حديدي عبر برزخ السويس، وقد