ركز المارشال (فالي) قواته في (البليدة) على أقدام جبال الأطلس الصغرى استعدادا للقيام بهجومه الأول بالتحرك نحو (المدية ومليانة). وعبرت قواته نهر الشفة يوم ٢٧ نيسان (أبريل) سنة ١٨٤٠م٠ وهناك ظهرت فرسان الأمير عبد القادر بأعداد كبيرة. وسار الجناح الأيمن للقوات الإفرنسية نحو (بحيرة) لكنه لم يصل إليها، فقد أسرع الأمير عبد القادر بقواته وعبر المساحة الوسطى واختفى، وبذلك أصبح سهل مدينة الجزائر معرضا لضرباته، وظهر احتمال تقدم الأمير كالسيل الجارف، ولكن تلك الحركة لم تكن سوى خدعة منه. فقد كان هدف عبد القادر إرغام (فالي) على إيقاف تقدمه في سهل (وادي الشلف) وإرغامه على الدخول في الجبال عن طريق مضائق المزاية. وقد نجح في ذلك.
كان الأمير عبد القادر قد عمل في الليل والنهار، وطوال شهور عديدة، لتصبح تلك المضائق الهائلة أكثر قدرة وأكثر منعة وأقوى تحصينا حتى يتحقق الهدف التالي:(أن يلاقي الجيش الإفرنسي حتفه هنا) ومن أجل ذلك حفرت الخنادق على كل مرتفع وهضبة. ونشر الأمير قواته النظامية من المشاة في هذه المواقع المحيطة بمدن (المدية