تبرز عملية احتلال فرنسا للجزائر النموذج المتكامل للحروب الاستعمارية والتي تضم ذماذج متنوعة من الأعمال القتالية التي تؤدي بطبيعتها لاندلاع (الحروب الثوروية). وتعتبر عملية غزو الجزائر بسيطة في خطوطها العامة، حيث قام (فيلق الغزو) بتركيز ثقل هجمته على نقطة معينة من أرض الساحل، ثم نظم قاعدته للقيام بهجوم حاسم ضد كتلة القوات الرئيسية، ووقعت قيادة هذه القوات بالخطيئة القاتلة، حيث بالغت كثيرا في تقويم قدراتها الذاتية وتجاربها القتالية، مما أدى بها إلى الاستهانة بقوات الغزو التي لم تقدم على تنفيذ كل خطوة من خطواتها إلا بعد دراسة دقيقة للموقف وإلا بعد جمع معلومات كافية لطبيعة مسرح العمليات وقدرات الوطنيين وإمكاناتهم القتالية وأساليبهم الخ ... وهكذا، ومقابل استهانة (الداي حسين) بقوات الخصم، كان قائد قوات الغزو (دوبورمون) يعرف مراحل عملياته بدقة، فكانت المعركة الرئيسية في (اسطاوالي) اختبارا قاسيا لحوار الإرادات المتصارعة ولحوار الأسلحة المتفوقة في الوقت ذاته، وقد أفادت قوات الغزو من تفوق وسائلها النارية وكثافة قواتها لمجابهة قوات تفتقر إلى