التنظيم الصحيح وإلى وسائل القتال المناسبة. وفي الواقع، فقد كانت الإمكانات القتالية فوق أرض الجزائر متوافرة، غير أنه لم يتم حشدها بكاملها فاستطاعت القوات الإفرنسية أن تلتهم القوات التي كان يتم تقديمها على مراحل متتالية. أخذت قوات الغزو بعد ذلك في التوسع (على طريقة بقعة الزيت) أو (الخرشوفة). وقد أصيبت خلال هذه المرحلة بمجموعة من الانتكاسات والهزائم الناجمة عن تعاظم المقاومة، وعندئذ لجأت السلطات الاستعمارية إلى أساليب تبادلية تمزج بين (الصراع السياسي) الصراع العسكري) وذلك عن طريق تهدئة بعض الجبهات لتركيز الجهد على جبهة واحدة، يتم تدمير المقاومة فيها، ثم يتم الانتقال إلى منطقة أخرى، وهكذا.
لقد عملت فرنسا في تنفيذ (نظرية الاستعمار) بعزل الجزائر أولا عن العالم الخارجي (وسبقت الإشارة إلى أن (أحمد باي قسنطينة) كان يجد صعوبة حتى في إرسال رسائله إلى دار الخلافة - في إستانبول - بسبب هذا الحصار - كما عزلت الجزائر عن جوارها (تونس والمغرب) وبذلك أمكن لها تركيز كل ثقلها العسكري ضد الجزائر. وتم تطوير هذه النظرية فوق أرض الجزائر ذاتها، فكانت الإدارة الإفرنسية تقود عملياتها ضد كل أقليم، أو حتى كل مدينة، بمعزل عن بقية مراكز المقاومة، وساعد في نجاح هذه الخطة ما كان بين قادة مراكز المقاومة من تناقضات استثمرتها الإدارة الاستعمارية إلى أبعد الحدود، حتى أنها استطاعت تدمير المراكز الثوروية عن طريق ضرب بعضها ببعض مما أدى إلى إضعافها جميعا.