معها معركة (بوفريك - أو بوفاريك) وأفادت القوات الإفرنسية من تفوقها بقدر ما استثمرت سوء تنظيم القوات المهاجمة فتمزقت قوات (ابن زعمون) تمزقا لم يتمكن معه قائدها من إعادة تنظيمها، مما أغضبه، فقرر الانسحاب والاعتزال في منزله (في فليسة) وامتنع بعد ذلك عن المشاركة بأي عمل. أما رفيق جهاده (سيدي السعدي) فقد انضم بعد ذلك إلى الأمير (عبد القادر).
[ج - سيدي السعدي والجهاد]
كان (سيدي السعدي) من أسرة كبيرة من المرابطين المقيمين في الجزائر. اشتهر بين قومه بالتقى والشجاعة، وأسهم بقدر غير قليل في إثارة القبائل ضد أعداء الدين، وفي التحريض على الجهاد وطلب الشهادة في سبيل الله، وأمكن له تحقيق نجاح في مسعاه بفضل ما عرف عنه من الصدق والإخلاص. وقد خرج من الجزائر بمجرد دخول القوات الإفرنسية إليها، وأقام بين قومه المرابطين في (سهل المتوجه - المتيجة) داعيا للثورة. ووجد في (ابن زعمون) كفاءة قيادية جيدة، وإخلاصا في القتال. فمضى لدعمه وتأييده. وبفضل دعوته وتأثيره، هاجم (عرب متيجة) المنتشرين في الفحص (الضواحي) المزارعين الأوروبيين الذين أخذوا في احتلال السهل والاستقرار فيه. وقد قتلوا أعدادا كبيرة منهم، واضطروهم إلى الفرار واللجوء إلى العاصمة. وكان لهذه الأحداث أثر على الأوروبيين الذين تزايد خوفهم وقلقهم فغادروا مزارعهم. وانتقل الخوف إلى (مدينة الجزائر) فأغلق الأوربيون متاجرهم ومؤسساتهم، وأخذوا في التفكير بالعودة إلى أوروبا، حاملين معهم ما أمكن لهم الحصول عليه من الغنائم والثروات. وساد الاعتقاد بأنه من الصعب مقاومة