هذه الثورة الشاملة، وظهر لفترة بأن المستعمرة الوليدة - الجزائر - قد ولدت وهي ميتة. واستمر (الحاج سعدي) في تجواله بين القبائل داعيا إلى الثورة العامة وعلم القائد الإفرنسي بتحركات (السعدي) بين القبائل، وانضمام كل شيوخ القبال إلى الثورة بفضل تأثيره من جهة، وبفضل جرائم الاستعمار من جهة أخرى، إذ اتهم الإفرنسيون (قبيلة العوفية) بالاعتداء على وفد فرحات بن سعيد (الذي جاء يطلب التعاون مع الإفرنسيين) وقاموا بالهجوم على هذه القبيلة ليلا، في ٧ نيسان - أبريل - ١٨٣٢م وأبادوها عن آخرها. وحاكموا شيخها (الربيعة) وأعدموه، رغم براءة القبيلة من هذه الحادثة، وبالرغم من سلوك شيخ قبيلة العوفيه سلوكا سالما، وحمله هدية إلى القائد الإفرنسي (دورو فيغو) وزاد هذا الحادث من سخط القبال على الإفرنسيين، حتى أن (آغا العرب الحاج محيي الدين)(١) الذي عينه الإفرنسيون، لم يلبث أن انضم إلى الثوار، وترك لهم حرية الدعوة للجهاد في (القليعة) مقر أسرته. وقرر القائد العام الإفرنسي القضاء
(١) كان الجنرال (برتزين) في سنة ١٨٣١ يحاول مهادنة العرب، فاستنصح حضر مدينة الجزائر، فنصحوه بتعيين الحاج (محيي الدين بن الصغير بن سيدي علي مبارك - في منصب - آغا العرب في سهل متيجة. وكان قائد الحملة الأول (دوبورمون) قد عين (الحاج ابن عمر) في منصب الباي، وعين ابنه (حمدان بن أمين السكة - منصب آغا العرب - وأثناء حملة الإفرنسين على المدية (تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٣٠) كلف الإفرنسيون (آغا العرب حمدان) بمراقبة العرب في سهل متيجه. غير أن هذا ترك العمل والتزم في منزله معتكفا، وعندما أراد الإفرنسيون صب نقمتهم عليه حاول خداعهم، فعزله كلوزول في ٧ كانون الثاني - يناير - ١٨٣١، وألغى منصب (الآغا) وأرسل حمدان منفيا إلى فرنسا. ثم عينت فرنسا ضابطا في منصب آغا العرب (العقيد ماندري). وبعد ذلك تم تعيين (محيي الدين بن الصغير) في هذا المنصب في محاولة لتهدئة (الثورة في سهل متيجة).