يتفق الشعب الجزائري المجاهد، على حقيقة ثابتة، وهي أن ثورته التي فجرها في الفاتح من تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٥٤ - لم تكن وليدة ظروف عابرة أو طارئة، ولا هي صراع مع الاستعماريين من أجل مصالح مادية أو مكاسب اقتصادية ومنافع مالية - على نحو ما يميز الصراعات المتفجرة في عالمنا المعاصر، وإلا لما اكتسبت صفتها (الثورية الأصيلة). وعلى هذا، فإن هذه الثورة هي امتداد متطور لمقاومة الشعب الجزائري التي لم تتوقف أو تنقطع طوال فترة الحكم الاستعماري الجائر. وهي تعبير جديد لما يشعر به الشعب الجزائري منذ حلول الفرنسيين في بلده، من امتهان لكرامته، وجرح لعزته القومية، وهضم لحقه في حياته الحرة الكريمة على أرض آبائه وأجداده.
فجاءت الثورة لتفجر في الشعب طاقته المكبوتة للتعبير عن أصالته الذاتية، ولتضمن له انطلاقته نحو آفاق التطور ومسايرة ركب الإنسانية المتقدمة دوما نحو الأمام. وإذا كان الشعب الجزائري المجاهد لم يتوقف أبدا عن مقاومة الاستعمار وسيطرته بمختلف الوسائل الحربية والسلمية، فإن عوامل كثيرة منعت مقاومته من بلوغ ذروتها في الاتساع والشمول والارتفاع، على نحو ما بلغتها في ثورة