فوق مياه البحر المتوسط الدولية، وعلى بعد (١٣٠) كيلو مترا تقريبا شمالي مدينة الجزائر، بينما كانت الطائرة تتجه إلى الرباط، وتتبع خط سير أعلمت به السلطات الفرنسية مقدما، وبرزت لها فجأة طائرة مطاردة فرنسية دنت منها دنوا خطيرا ثلاث مرات! وفتحت نيرانها مرتين متتاليتين على الطائرة السوفييتية، ثم اعترضت طريقها، إن هذه التصرفات لا يمكن اعتبارها سوى عمل من أعمال القرصنة الدولية ارتكبته قوات فرنسا المسلحة ...).
لم تكن عملية القرصنة القذرة ضد الزعماء الجزائريين لتمر كحدث عارض، فقد هب الرأي العام العالمي مستنكرا العملية ودامغا فرنسا بالخزي والعار، وسارت في عواصم ومدن العالم العربي تظاهرات ضخمة تعلن صاخبة احتجاجها الشديد ضد أعمال الخطف والقرصنة التي أصبحت تمتهنها فرنسا بعد إخفاقها في الصمود أمام مجاهدي الجزائر وجها لوجه؛ وسحبت تونس سفيرها من باريس واحتجت الحكومتان التونسية والمغربية - المراكشية - رسميا على عملية الغدر الشنيع، واعتبرت مراكش أن عمل فرنسا موجا ضد سيادتها وكرامتها، وشكلت لجنة دولية من إيطاليا وبلجيكا ولبنان ومراكش وفرنسا للنظر في (شرعية الخطف) غير أن تضامن الدول الاستعمارية أحبط التحقيق.
[ب - أحمد بن بللا ورفاقه في سجون فرنسا]
ظنت فرنسا أن نجاحها في أعمال القرصنة سيمهد لها السبيل لإخماد جذوة الثورة المتقدة، غير أن أملها قد خاب، إذ لم تعدم الثورة العظمى توافر عدد كبير من القادة القادرين على متابعة العمل الثوري وتطويره. وبينما كان القادة (أحمد بن بللا، ومحمد خيضر،