لقد كانت المقولات السابقة تعبيرا عن الاتجاه العام للأجهزة الاستعمارية، وتصويرا واضحا للعقلية الاستعمارية، ويمكن اعتبارها تمهيدا لما أفرزته تلك العقلية من مشاريع مختلفة لمعالجة القضية الجزائرية، وهي المشاريع التي حملت أسماء أصحابها من دهاقنة الاستعمار من أمثال (غي موليه) و (جايار) و (لاكوست) ونهاية برئيس الجمهورية الخامسة (ديغول). ولقد أحرق لهيب الثورة الجزائرية تلك المشاريع، وترك رمادها نهبا تذروه الرياح؛ فاستطاع المجاهدون الجزائريون بذلك ممارسة عملية (غسل الدماغ) للعقلية الاستعمارية، وأرغموا دهاقنة الاستعمار على تبديل قناعاتهم وتغيير أساليب تفكيرهم، ولم تكن تلك العملية بالأمر السهل، فقد تطلبت جهود صراع مرير طوال سنوات الكفاح المرير، وكان ثمنها أرواح ملايين الشهداء الأبرار، ومعاناة الملايين من ضغوط لا توصف، وكان الإيمان الصلب والثبات المبدئي هو السلاح الأول الذي مكن المجاهدين من إحراز النصر. وقد يكون من المناسب العودة لاستقراء بعض ملامح تلك المشاريع