ومليانة ومعسكر وسباو وتاقدامت) وأفاد من الضباط الإفرنسيين الذين هربوا إليه، فعينهم لقيادة القوات في هذه المواقع. وتدفق العرب ورجال القبائل من كل جهة، فاحتلوا تلك المواقع والملاجىء مستعدين لإطلاق النار من عال، ضد القوات الإفرنسية عندما تدخل متثاقلة الممر الضيق المعلق وسط المنحدرات الجبلية.
قسم (فالي) قواته إلى ثلاثة مجموعات. وغادر جنود هذه المجموعات بقيادة قادتهم (دوفيفييه ولامورسيير ودوتبول) الطريق، وراحوا يقفزون في الوهاد، وتغلبوا على صعوبات الطبيعة الجغرافية للأرض (الأشجار والصخور والحفر العميقة). ووصلوا الخنادق ببطء لكن بثبات. وفجأة غطى المنظر ضباب كثيف. لقد انطلق البارود ولم يتوقف، ودارت رحى معارك طاحنة استخدمت فيها كل وسائط الصراع، وأظهر المجاهدون والجند النظاميون قدرا غير قليل من الشجاعة والبأس، غير أن الكثافة النارية والتفرق بالقوى على نقاط الهجوم مكن القوات الإفرنسية من انتزاع النصر، ونجحت هذه القوات في رفع علمها فوق ذرى الأطلس بين دقات الطبل وصيحات الحرب المنطلقة من كل مكان. وانسحب الأمير ببقايا قواته إلى مليانة، التي كانت في حالة من الهياج والاضطراب والتي أمكن للأمير تهدئتها بسرعة. غير أن المارشال (فالي) دخل مدينة (المدية) فوجدها مهجورة ونصف محروقة. واستخلص الأمير عبد القادر الدرس بسرعة، فأصدر أوامره إلى خلفائه (بتجنب الاشتباك مع القوات الإفرنسية بمعركة نظامية. وممارسة الأعمال القتالية في إطار (الإزعاج والإغارة على أجنحة القوات المعادية ومؤخراتها وقطع محاور تحركاتها والاستيلاء على معداتها ووسائط النقل لديها، ونصب الكمائن والهجمات المباغتة ثم الانسحاب دائما بسرعة) وكان النجاح رائعا في