تطبيق هذه الطرائق مما وضع القوات الإفرنسية في (المدية ومليانة) في حالة انهيار معنوي (وأوشك معسكر ومليانة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) ١٨٤٠ على الاختفاء تحت تأثير مجموعة من العوامل، وأهمها الجوع والمرض والغربة فمات ٧٥٠ جنديا من أصل مجموع الحامية البالغ ١٥٠٠ جندي، ودخل المستشفى ٥٠٠ جندي لإاصابتهم بالحمى، أما البقية وعددهم ٢٥٠ جنديا فكانوا هياكل متحركة لا يكادون يمسكون ببنادقهم).
ونجح الأمير عبد القادر في إيقاف تقدم الإفرنسيين في جبال تيطري، ليس ذلك فحسب، بل إنه وضعهم دائما تحت رحمته، من حدود المغرب إلى حدود تونس، عائقا أو ملغيا عملياتهم بجهوده التي تكاد تكون فوق طاقة البشر. فهو دئما على صهوة جواده، يتحرك بصورة مباغتة وسرية، يحارب اليوم الإفرنسيين ليظهر في اليووم التالي وهو على بعد مسافة مائة ميل لجمع شمل قبيلة عربية ممزقة ولرفع روحها المعنوية، لذلك كان يبدو أنه - بنظامه الجديدي الصارم - قد تخلى عن الراحة والاستحمام. وكأنما قد أصبح جسمه شيئا روحانيا بالروح التي كانت تتقد فيه.
تولى الجنرال (بيجو) منصب الحاكم العام للجزائر يوم ٢٢ شباط (فبراير) ١٨٤١. وأخذ على عاتقه تنفيذ مخططات حكومته التي كانت قد درست قوة خصمها العنيد فوضعت تحت تصرف (بيجو) قوة تزيد على (٨٠) ألف محارب، مدعمين بأقوى وسائط القتال والأسلحة الحربية الحديثة.
ولكن الصعوبة الكبرى لم تكن في هزيمة عبد القادر بقدر ما كانت في اللحاق به. لقد كان الإفرنسيون أقوى منه ولكنه كان أسرع