منهم. فقد كانوا مرغمين على التحرك فوق الطرق الممهدة، بأرتال طويلة تثقلها المدافع ومركبات الإسعاف والأعتدة. أما هو فبعد أن يرى هدف هجوم عدوه، يتجنبه مؤقتا، ثم ينقض عليه عندما يكون في ورطة - مأزق - متخبطا في الشعاب، ضائعا في الوهاد. ونتيجة لذلك، أوقف (بيجو) العمل بأساليب أسلافه، ووزع قواته على أرتال متباعدة تعمل على محاور مختلفة، مما أرغم الأمير على توزيع قواته، وإبقاه في حالة من الريبة والشك في نوايا عدوه. وفي الوقت ذاته تخلت القوات الإفرنسية عن معداتها الثقيلة ومدافعها الضخمة، بل إنها تخلت حتى عن أرتال تموينها، وكان للعرب مزية أساسية تفوقت فيها على القوات الإفرنسية، ذلك أنهم كانوا يجدون المواد الغذائية أينما حلوا، داخل مخازن الحبوب المنتشرة تحت الأرض، في كل الجهات، بينما كانت القوات الإفرنسية ملزمة بحمل موادها التموينية. ولكن (لامورسيير) قد حل المشكلة حينما قال: (إن العرب لا يحملون تموينهم معهم. فلم نحن؟ ...) ولذلك فإنه منذئذ أصبح رجال (لامورسيير) يحملون معهم بعض المطاحن اليدوية الصغيرة، وعندما يصلون إلى مكان معين من البلاد ينتشرون هنا وهناك على مسافات تصل أحيانا بضعة كيلومترات. وأثناء تقدمهم كانوا ينقبون الأراضي أمامهم بسيوفهم وحربات بنادقهم فيضربون الصخور التي كانت تغطي مخازن الحبوب، والتي لم تكن مغطاة إلا بطبقة خفيفة من التراب. وهكذا اكتشفت مخازن الحبوب التي كان العرب يخفونها عن عدوهم، ومن جهة أخرى ضمنت الغارات الحصول على الغنم، وتحول القمح إلى دقيق بواسطة المطاحن اليدوية. وبهذه الطريقة أصبحت القوات الإفرنسية تمون نفسها في المكان الذي توجد فيه. ووضع (بيجو) مخططات عملياته العسكرية