للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أساس تحقيق مبدأين (الصيانة والاعتداء). وحدد أهدافه الرئيسية بإعادة تموين حامياته التي لا تكاد تقوم بتأمين مواردها الحياتية إلا بجهد كبير وسط العرب المحيطين بهم من كل جانب. والاحتفاظ بالقبائل العربية التي نجح في إخضاعها تحت سلطته، وتنظيمها تنظيما محكما تحت إشراف الإفرنسيين، مع إرهاب القبائل الأخرى بواسطة إغارات مرعبة لإبادتبها وإحراق محاصيلها. وأخيرا، في ضرب قوة الأمير عبد القادر، دون هوادة ولا تردد، واحتلال مراكزه الحصينة، وتدمير مخازن أسلحته، أملا في إرغام الأمير على التراجع نحو الصحارى القاحلة.

افتتح (بيجو) حملة سنة ١٨٤١ م بمحاولة إعادة تموين مدينتي (المدية ومليانة). وكانت خسائر الإفرنسيين قبل تحقيق هذا الهدف، فادحة، ذلك أن عبد القادر قد نازعهم كل شبر أثناء تقدمهم. وكان (بيجو) قد ذهب إلى إقليم (وهران) ومن مستغانم قاد شخصيا حملة ضد (تاقدامت) وعند وصوله يوم ٢٥ أيار - مايو، وجدها مهجورة، بينما كانت أجزاء منها تحترق. ثم تلى ذلك تخريب (بوغار وسعيدة وتازة). وقرر الأمير عبد القادر، طبقا لتنظيمه الجديد، عدم إضاعة قواته أو تشتيتها للدفاع عن قلاعه، ولذلك تخلى عنها جميعا. وكان جيشه النظامي أكثر فائدة ونجاحا في استخدامه لعرقلة الإفرنسيين أثناء تقدمهم، أو في الاحتفاظ بولاء القبائل التي ظهر عليها التردد. وقد أصبحت المدن المحصنة بالنسبة لطرائق الحرب الجديدة التي دعي عبد القادر لمواجهتها، حملا، بل عبئا ثقيلا، كان يشعر بالغبطة للتحرر منه. ونجح الأمير عبد القادر في إعادة تنظيم القبائل، حتى باتت تتحرك بدافع واحد، تنبسط أو تنقبض تبعا لأوامر القيادة. وكانت تهاجم عند أقل خطر، وتختفي عندما تشعر بتتبع العدو لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>