وأرسلت الخلافة قوة لمحاربة الإفرنسيين تولى (محمد علي الألباني - الأرناؤوطي) قيادة كتيبة منها، ثم لم يلبث حتى أفاد من التناقضات التي اعقبت إخراج الإفرنسيين من البلاد. وأصبح في سنوات قليلة الحاكم المطلق لمصر، وأظهر من الغيرة على الدين، والرغبة في الجهاد، والعمل لبناء مصر، ما جعله يستحوذ على محبة أهل مصر الذين التفوا حوله وساندوه. وخلال هذه الفترة ترك - للمماليك حرية الحكم في أعالي مصر، حتى إذا ما شرعوا في مفاوضة انكلترا (وكان محمد علي قد هزم جيوشها التي حاولت النزول إلى البر، عند رشيد، في نيسان - أبريل - سنة ١٨٠٧) قرر التخلص منهم. ودعا زعماءهم إلى القاهرة في آذار - مارس - ١٨١١، زاعما أنه يبتغي استشارتهم في أمر حملة يريد شنها على الوهابيين في بلاد العرب. وهناك أعمل السيف في رؤوسهم (في ١١ من الشهر نفسه) وكانت عدتهم ثلاثمائة رجل. فدانت مصر لمحمد علي كما لم تدن لحاكم آخر من قبله. غير أن جنوده الألبانيين (الأرناؤوط) الذين كانوا لا يزالون خاضعين خضوعا بعيدا لتأثير الروح العثمانية، أظهروا تهاونا فحاول قمعهم بالقوة، وأدى ذلك إلى نشوب فتنة في القاهرة سنة ١٨١٦ استطاع محمد علي إخمادها دون عناء كبير. وعلى إثر ذلك سرح جنوده الألبانيين واستعاض عنهم بالفلاحين المصريين الذين دعاهم إلى الخدمة العسكرية. وانطلق لإعادة تنظيم البلاد داخليا وعسكريا على أسس جديدة.
بدأ محمد علي بالعمل للإمساك باقتصاد مصر بقبضة قوية، فقام بإحصاء عام للأراضي، ثم وزعها على الممثلين الرئيسيين للمجتمع المصري الريفي على أساس الاستفادة منها مدى الحياة.