ومكنه ذلك من تدعيم نظام حكمه، وكسب تأييد جماهير السكان العاملة. وفرض نفسه في الواقع كمالك فعلي وحيد للبلاد وكسيد لمصائرها الحيوية. وبعدما حقق كل ذلك، اختط لنفسه سياسة داخلية وخارجية ذات جوانب متعددة ومتكاملة: كان يسيطر بقبضته الإدارية القوية على ثروات وادي النيل الضخمة، وثروات المناطق التي ضمها إليه، وكان يفرض نفسه على السلطان العثماني الذي أنهكته التهدئة العسكرية) ورأى اتباع سان سيمون، رواد اشتراكية الدولة، في شخص محمد علي حاكما يحمل لواء نظريتهم الاقتصادية ويعمل على تطبيقها) والتفت محمد علي بعد ذلك إلى الصناعة:(فنشر في مالطا بتاريخ ٤ نيسان - أبريل - ١٨١٤ إعلانا يدعو فيه العمال من كافة الاختصاصات إلى التعاقد معه للعمل. وفي السنة التالية أمر وكلاءه في العواصم الأوروبية الكبرى أن يزودوه بعمال مهرة ومتخصصين في صناعة النسيج التي كان ينوي دفعها إلى الأمام. لقد أدرك أنئذ أهمية تحويل المواد الأولية الوطنية في مصر نفسها وبيعها مصنعة إلى الخارج. وهكذا بدأت اليد العاملة في الهجرة إلى مصر. وفي أثناء ذلك أقدم على مصادرة العمال الحرفيين في القاهرة والمقاطعات للعمل في المؤسسات التي أنشأها). (وإلى جانب صناعة النسيج أقام محمد علي صناعات أخرى مثل صناعة السكر والزجاج والدباغة والورق والبارود والمنتجات الكيميائية، وعهد بهذه الصناعات إلى خبراء أوروبيين من مختلف الجنسيات)(كذلك برزت أيضا سياسة الانفتاح والتودد تجاه الخبراء الأجانب. وألغى محمد علي القوانين التمييزية، وأطلق حرية ممارسة الشعائر الدينية المسيحية جهارا وإنشاء المدارس والكنائس، ومنح المساواة خاصة بالنسبة لليهود). وأقبل