المحيط به. وكانت ريح عاصفة تجتاح السهل المقفر، غير حاملة ولو لورقة ميتة واحدة من أوراق الأشجار. لقد عجزت الريح عن التقاط ورقة تعزف عليها لحن الشتاء، فلم يكن هناك إلا الأغصان العارية التي تنتصب كالأذرع السود ترفع أصابعها نحو السماء، أو هي كالهياكل المشوهة الممزقة. فهنا وهناك، تظهر جذوع الأشجار المبتورة. وإلى جانبها القذائف الصدئة، تذكر كل من يمر بها أنه يعبر منطقة حربية. ولعل يد الطبيعة لم تكن كافية وحدها لتشويه هذا المنظر الطبيعي - الشتوي - فجاءت يد الانسان لتزيد في قسوتها على قسوة الطبيعة، ولتبرز معالم التشوه في الحياة الميتة. وفي هذه المرة حمل الإنسان بنفسه قدرة التشويه بقذف قنابله المدمرة.
...
ارتسم شبح أسود، كان يسير على الطريق الرئيسي الواصل من (بورت - غويدون) إلى (غيط شفة) على بعد كيلومتر واحد من وادي (سيدي خليفة) وذلك في الساعة الواحدة من بعد الظهر. ولم يكن ذلك الشبح سوى خيال رجل يسير متمهلا وهو يصارع الريح، غير مهتم بأمر السيول المتدفقة من السماء والتي كانت تتمزق على ثيابه الملتصقة بجسده. ولم تكن الثياب في حقيقتها أكثر من ملابس خلقة تنم عن بؤس صاحبها. وكانت المياه التي تسيل متصلة فوق أرض الطريق، تمر عبر الحذاء الممزق المهتريء، تدخل إليه وتخرج منه، مع كل خطوة يخطوها الرجل الشاب، وهو يتقدم على الطريق المقفر. وكان الرجل الشاب، يلبس بنطالا من نسيج أزرق اللون، يلتصق بصورة ضيقة على ساقيه، مع سترة سوداء مهترئة عند مرفقيها (جاكيت). أما الوجه الذي لم يعرف الحلاقة منذ مدة على ما يظهر، فإنه لم يكن هناك ما يحميه من لسعات المطر القاسية. المحيط به. وكانت ريح عاصفة تجتاح السهل المقفر، غير حاملة ولو لورقة ميتة واحدة من أوراق الأشجار. لقد عجزت الريح عن التقاط ورقة تعزف عليها لحن الشتاء، فلم يكن هناك إلا الأغصان العارية التي تنتصب كالأذرع السود ترفع أصابعها نحو السماء، أو هي كالهياكل المشوهة الممزقة. فهنا وهناك، تظهر جذوع الأشجار المبتورة. وإلى جانبها القذائف الصدئة، تذكر كل من يمر بها أنه يعبر منطقة حربية. ولعل يد الطبيعة لم تكن كافية وحدها لتشويه هذا المنظر الطبيعي - الشتوي - فجاءت يد الانسان لتزيد في قسوتها على قسوة الطبيعة، ولتبرز معالم التشوه في الحياة الميتة. وفي هذه المرة حمل الإنسان بنفسه قدرة التشويه بقذف قنابله المدمرة.
...
ارتسم شبح أسود، كان يسير على الطريق الرئيسي الواصل من (بورت - غويدون) إلى (غيط شفة) على بعد كيلومتر واحد من وادي (سيدي خليفة) وذلك في الساعة الواحدة من بعد الظهر. ولم يكن ذلك الشبح سوى خيال رجل يسير متمهلا وهو يصارع الريح، غير مهتم بأمر السيول المتدفقة من السماء والتي كانت تتمزق على ثيابه الملتصقة بجسده. ولم تكن الثياب في حقيقتها أكثر من ملابس خلقة تنم عن بؤس صاحبها. وكانت المياه التي تسيل متصلة فوق أرض الطريق، تمر عبر الحذاء الممزق المهتريء، تدخل إليه وتخرج منه، مع كل خطوة يخطوها الرجل الشاب، وهو يتقدم على الطريق المقفر. وكان الرجل الشاب، يلبس بنطالا من نسيج أزرق اللون، يلتصق بصورة ضيقة على ساقيه، مع سترة سوداء مهترئة عند مرفقيها (جاكيت). أما الوجه الذي لم يعرف الحلاقة منذ مدة على ما يظهر، فإنه لم يكن هناك ما يحميه من لسعات المطر القاسية.