المجاهدة (زهراء ظريف)(١) المحكوم عليها بعشرين سنة من الأشغال الشاقة، تدلي بشهادة خالدة تصف فيها أعمال الإعدام في سجن (بربروس) فتقول: (إنك لا تسمع في حي المحكوم عليهم بالاعدام إلا نداءات: (الله أكبر) و (النشيد الوطني) و (التضحية من أجل الوطن هي خير من الحياة). وتصدر هذه النداءات عن الذين يقادون الى الموت. كما تصدر عن بقية المعتقلين، فتنتقل من مكان قريب إلى مكان أبعد منه، حتى تعم جميع الأحياء في الساعة الرابعة صباحا. وترافق أصوات النساء في الحي الأقرب، وحتى مكان التضحية، إخواننا الذين يقادون الى الموت. وتستمر هذه الأصوات في مرافقتهم حتى مدافنهم. وفي الوقت الذي يحتل فيه الحرس الجمهوري المعابر والدروب، تتعلق النسوة المعتقلات بحديد النوافذ وترفضن إلا أن تنشدن الأناشيد الوطنية التي نموت من أجلها، وتأبين إلا تسمعنها لضحايا العدوان الاستعماري. وكانت رغبتنا كلها هي إشعار إخواننا بأننا نعيش معهم حتى النهاية - إننا نعيش في (سجن بربروس) ونحن في حالة من الفزع الدائم بنتيجة هذه الإعدامات المتجددة في ليلتين أو ثلاثة من كل شهر، حيث تهوي المقصلة لتبتر أعناق إخواننا، تلك المقصلة التي انتشرت في الجزائر كلها: من العاصمة إلى قسنطينة وإلى وهران - ونحن نحصي برهبة تواريخ عودة استخدام المقصلة في السجن الذي نحن فيه ولم يتغير شيء، على الرغم من الوعود الكثيرة. فإخواننا ما زالوا يستشهدون دائما، لا لشيء إلا لأنهم أرادوا كرامتنا).
(١) المرجع: نشرة تحمل عنوان: (الجمهورية الجزائرية - وزارة الداخلية - نشرة داخلية - نوفمبر - ١٩٦١ ص ١٤).