هناك تعاون في حقول الثقافة والمواصلات، ولا مناص من أن يكون هذا التعاون مع فرنسا (١)، وسيرى العالم كله، أننا سننظم قوة شرطة - بوليس - لحماية منشآت البترول والغاز، الذي سيصدر أكثره إلى فرنسا وأوروبا الغربية، لأننا نحن في أفريقيا لم نبلغ بعد المرحلة الكافية لاستهلاك كميات كبيرة من البترول والغاز. أما موضوع الأقلية الفرنسية فيجب أن نجد له حلا سليما، وكل ما نطلبه أن لا يظل الفرنسيون يعتبرون أنفسهم مواطنين مميزين، نحن مصممون على أن نمنحهم جميع الحقوق التي تكفل لهم حياة كاملة في الجزائر، حتى لو لم تتوافر لديهم الرغبة ليكونوا جزائريين).
...
لقد بذلت (الحكومة الجزائرية) ووفدها المفاوض، كل الجهود الممكنة للوصول بالمباحثات حتى نهايتها، وكان موقف الاعتدال الجزائري، مثيرا للذهول، غير أن جهة واحدة لم يطالها هذا الذهول وهي فرنسا الاستعمار، لقد كانت تعتقد أنها تمتلك كل شيء، ولم تتمكن الحجج الدامغة، والمواقف المعتدلة أن تزحزحها عن اعتقادها (الخاطىء)، فكان لا بد من الاستمرار في الصراع المسلح حتى نهايته، غير أن الثورة الجزائرية وهي تمضي قدما على دروب النصر العسكري لم تتراجع عن اعتدالها، فأصدرت الحكومة الجزائرية بيانا قالت فيه:(نحن ندرك جيدا أن فرنسا لا تستطيع أن ترحل ثمانمائة ألف إنسان في ليلة واحدة) فأي موقف أكثر اعتدالا من هذا الموقف المعتدل.
(١) انظر (قراءات) في نهاية هذا الكتاب حيث خصص مجال لعرض (الإعلانات) التي ألحقت باتفاقيات (ايفيان) في مواضيع التعاون الاقتصادي والمالي، والتعاون الثقافي، والتعاون الفني، والتعاون العسكري