بسرعة أنها كانت مخطئة في اعتقادها بأن فرنسا ستعوض حكم الأتراك بحكم محلي تكون طبقة الحضر في موقع قيادته. وعرف أفراد هذه الفئة أن فرنسا قد جاءت لتبقى، وأن أموالهم وأراضيهم قد صودرت لمصلحة الإدارة الإفرنسية، وأن مساجدهم وزواياهم ومساكنهم قد احتلت من الجيش الإفرنسي، أو دمرت من أجل إقامة الساحات العامة والمسارح والمستشفيات العسكرية أو تحولت إلى كنائس. حتى أن أملاك (مكة والمدينة) التي كانت مؤسسات خيرية للفقراء وطلبة العلم قد استولى عليها الإفرنسيون، وأصبح ريعها يذهب مباشرة إلى خزينة الإدارة الإفرنسية. وأثناء ذلك كان أعيان هؤلاء (الحضر) يعملون لصالح فكرة (الحكم الإسلامي) سواء لدى السلطات الإفرنسية، أو في اتصالاتهم مع الباشا حسين (داي الجزائر السابق) أو مع باي قسنطينة (الحاج أحمد). وعند ذلك كشفت السلطات الإفرنسية عن أهدافها، فعملت على عزل أو طرد أو نفي أولئك الذين قبلوا التعاون معها بحجة (عدم قيامهم بواجبهم تجاه الدولة) أو (التآمر لاستعادة الحكم الإسلامي) أو (الانضمام إلى فئة الثوار). وزاد نفور (حضر الجزائر) بما أقدمت عليه السلطات الإفرنسية من (غدر بعهود الأمان) ومن (ذبح للقبائل المسلمة والمسالمة بكاملها، مثل قبيلة العوفية) ومن (أسر للمرابطين كرهائن - على نحو ما فعلته مع مرابطي القليعة) ومن (مطالبة بخمسين شابا من كبار العائلات في المدينة لحملهم كرهائن إلى باريس). وأمام هذه الوقاقع، التجأ (حضر الجزائر) إلى طرائق متنوعة للتعبير عن غضبهم، وكان أبرز دور لهم هو إثارة ضجيج عالمي لفضح أساليب الاستعمار الإفرنسي في الخارج، والتحريض على الجهاد وإثارة النقمة في الداخل - وكانت حياة (حمدان خوجة)