هي النموذج الأمثل لهذا الجهاد، إذ أخذ على عاتقه الدفاع عن قضية (الجزائر) وقضية (الإسلام) خلال تلك الفترة من (بدايات المقاومة).
ولكن إذا لم يكن باستطاعة (حضر الجزائر) تجاوز هذه الحدود في المقاومة، وهي حدود مثمرة ومفيدة على كل حال إذ أنها أسهمت بوضع حجر الأساس للصراع السياسي اللاحق، فقد كان هناك فوق الثرى الجزائري من لا يزال يمتلك القدرة لحمل السلاح. وكان (المرابطون) هم الطليعة الأولى، حيث كانوا يجمعون بين مضمون (الجهاد) وبين الهدف (السياسي). وكان هؤلاء المرابطون يضمون أصالة الجزائر الإسلامية ويمثلونها أصدق تمثيل. فكان فيهم عرب الصحراء - البادية - والفلاحين وشيوخ القبائل ورجال الدين، وكلهم متفقون على الاستمرار في المقاومة وحصار الجيش الإفرنسي في حدود (مدينة الجزائر، وعدم السماح له بتجاوز حدودها. فكان من الطبيعي أن يكون سكان سهل المتوجة - (متيجة)(١) هم أول من يصطدم بقوات الإفرنسيين.
(١) سهل متيجة: (كلمة متيجة هي تحريف للكلمة العربية - متوجة - بضم الميم وفتح التاء والراء والجيم) وقد أطلق اسم (سهل متيجة) على السهل الذي تحيط به الجبال وتتوجه من أغلب جهاته. وهو عبارة عن سطح مستو ومنبسط حوضي ومنخفض طولي في كل جهاته الغربية، ومفتوح نحو البحر في جهاته الشرقيه، تقرب مساحته من (١٣٠) ألف هكتار. يبلغ طوله من وادي الناطور في الغرب إلى وادي بودواو في الشرق نحو المائة كيلومتر, ويختلف عرضه في الأطراف الغربية والشرقية عنه في الوسط، إذ هو عريض في الوسط حيث يبلغ ١٨ كيلومتر، وهي المسافة الفاصلة بين قرية الأربعاء الواقعة عند أقدام جبل الأطلس وبين مدينة الحراش الواقعة عند أقدام تلال الساحل أو في الأطراف الشمالية لسهل متيجة. ويقل هذا العرض إلى (١٠) كيلومترات في الأطراف الشرقية والغربية ويضم السهل مجموعة كبيرة من المدن والقرى، أشهرها البليدة والقليعة =