خالد (ضابطا سابقا في الجيش الإفرنسي) علاوة على كونه (نائبا منتخبا) حتى بعد استقالته.
وعلى هذا فقد كانت الضغوط غير المباشرة أفضل وسيلة تمتلكها الإدارة الإفرنسية للوصول إلى أهدافها في محاربة الأمير خالد، لاسيما بعد أن حققت وسائل الضغط هذه نجاحا كبيرا في المرحلة السابقة، ولم يعد من الغريب أن تظهر عملية إبعاد الأمير خالد - أو نفيه - على أنها مجرد رغبة شخصية. وقد عبر الأمير خالد عن رغبته هذه في رسالته التي حررها في (عين البيضاء) يوم ١١ نيسان - أبريل - وأعلن فيها استقالته، كما أعلن رغبته بالتوجه إلى سوريا.
غير أنه أرجأ الحسم في قرار الإبعاد الاختياري حتى نهاية شهر تموز - يوليو - ١٩٢٣، حيث أعلن (الشيخ عبد العزيز الثعالبي) أيضا رغبته في مغادرة تونس والتوجه إلى الشرق بعد هزيمته (١). وقد كتب الأمير خالد إلى أصدقائه رسالة في ٣٠ تموز - يوليو - ١٩٢٣ جاء فيها:(لم يعد بمقدورنا إطلاقا العيش في الجزائر حيث أصبحت الحياة فيها - بالنسبة لي - أمرا لا يطاق ولا يحتمل، ولم يعد أمامي إلا الانسحاب إلى بلد يتوافر فيه قدر أكبر من الإنسانية).
(١) يظهر أن سياسة الإبعاد عن البلاد والتي كانت تستعمرها فرنسا. قد تشابهت في طرائقها وأساليبها فقد ادعى الشيخ الثعالبي - أنه يغادر البلاد لأسباب صحية. وأثارت قضية إبعاده تعليقات متناقضة غير أن الأمر الثابت هو أن الشيخ الثعالبي قد تعرض لضغوط وظروف مشابهة لتلك التي عاناها الأمير خالد، ومنها نجاح السلطات الإفرنسية الاستعمارية في تفتيت حزبه، وإثارة الخلافات مع أقرب أنصاره، وعلى كل حال، فقد تكشفت كل منه الأساليب بعودة الشيخ الثعالبي من منفاه إلى تونس في شهر تموز - يوليو - سنة ١٩٣٧. واستقباله فيها استقبال الأبطال المنتصرين.