تترك مجالا للشك في براءة الدين المسيحي والأديان الأخرى من الاستعمار البغيض.
لقد سبقت الإشارة إلى ما كانت تتمتع به الجزائر، وبقية أقطار العالم الإسلامي في المغرب، من ارتفاع رائع في المستوى التعليمي - الثقافي، قبل أن تمتد إليها يد الاستعمار الآثمة التي أخمدت نور هذه الثقافة، وعملت على نشر الجهل والأمية في الجزائر حتى تتسلل إلى أغراضها العدوانية. ومع أن الاستعمار الإفرنسي هو الذي جلب الجهل والفاقه إلى الجزائر فقد ادعى مناقضا لأعماله، بأنه جاء رسول حضارة ومدنية. ووصف الجزائريين المتمدنين بأنهم شعب (همجي جاهل). وقد يكون من الأفضل هنا الإشارة إلى ما أثاره أحد أعضاء مجلس الشيوخ - أوجين كومب - حين أثار مجلس الشيوخ بقوله: مما لا شك فيه هو أن التعليم في الجزائر كان قبل الاحتلال الإفرنسي - سنة ١٨٣٠ - أكثر انتشارا وأحسن حالا مما وصل إليه الآن - بعد قرن وربع من الاستعمار - الأمر الذي لم يكن يرضي السلطات الإفرنسية في الجزائر. فقد كان هناك أكثر من ألفي مدرسة للتعليم الابتدائي والثانوي والعالي، وكان يتولى التدريس فيها نخبة من الأساتذة الأكفاء. كما أن الطلاب كانوا من الشباب الناهض المتعطش إلى العلم، هذا فضلا عن مئات المساجد التي كانت تعنى بتلقين اللغة العربية لطالبيها (١).
لم يشأ الاستعمار الإفرنسي. سيرا مع خطته لتدمير العروبة