خريجي جامع الزيتونة في تونس وجامعة القيروان في فاس، بالإضافة إلى من يتخرجون من الأزهر، وهذه الجامعات لا تدرس لغة غير لغة القرآن العربية. والأمر الواضح هو أن فرنسا قد أرادت من قرارها هذا إقامة عائق جديد أمام علماء المسلمين وشيوخهم للحد من نشاطاتهم التعليمية. وتجدر الإشارة أيضا، إلى أن عدد ما أنشأته السلطات الإفرنسية من نوع المدارس التي تعلم العربية والإفرنسية (١) لم يتجاوز الثلاثة مدارس في الجزائر وتلمسان وقسنطينة، وأن طلبة هذه المدارس يخضعون لشروط استعمارية قاسية، ولا يكادون يكفون لسد حاجة السلك القضائي والترجمة. وعلى الرغم من ذلك، فقد اعتبرت السلطات الاستعمارية في الجزائر، بأن اللغة الإفرنسية هي اللغة الرسمية في البلاد. وأخذت في فرضها بالقوة على الشعب الجزائري الذي رأى فيها لغة الظلم والقهر والاضطهاد، ولسان الجور والطغيان. وعلى كل حال، فإن الاستعمار الإفرنسي الذي حاول فرض لغته، لم يكن راغبا من وراء ذلك إلى تعليم الشعب الجزائري، ورفع مستواه الثقافي. بل كان هدفه الوحيد هو صهر الجزائريين في البوتقة الإفرنسية، وتبديل أحوالهم الشخصية.
وهذا ما ظهر واضحا في المقولة التي طرحها المسؤول عن التعلم في الجزائر منذ سنة ١٩٠٨ حين قال: (ليس من الكرم والجود في شيء أن ترغب الجامعة في نشر العلم في القبائل - بل دعونا نقولها كلمة صريحة ونطلقها داوية: إن ذلك في صالح فرنسا
(١) أطلق على هذه المدارس اسم (ECOLES FRANCO - MUSULMANE).