والحكمة في الأوقاف هي عدم رضوخ الدين لأية سلطة مدنية أو عسكرية، وتعني الأوقاف أيضا استقلالية الدين وحرية عمله بعيدا عن كل نفوذ دنيوي. وقد أحدث صدور هذا الأمر رد فعل عنيف لدى المسلمين، استوعبه قائد الغزو بالقوة وإصدر أمرا ثانيا في ٧ كانون الأول - ديسمبر ١٨٣٠، كفل لنفسه:(حق التصرف في الأملاك الدينية بالتأجير أو الكراء).
وبهذا تم وضع يد الاستعمار الإفرنسي على الدين الإسلامي في الجزائر. وأصبحت فرنسا المسيحية تتصرف على هواها في شؤون مساجد المسلمين وقضائهم وتعليمهم، فلا تعين مفتيا أو إماما أو مؤذنا أو حتى خادما إلا إذا أظهر استعداده للتجسس على إخوانه المسلمين. وإلا إذا كان أطوع من بنان الاستعمار في تلبية مشيئته، حتى ولو ادت هذه المشيئة غلى الكفر بالدين الإسلامي. ولقد وصف مدير إفرنسي لمكتب الشؤون الإسلامية في الجزائر ما فعله الاستعمار الإفرنسي بالدين الإسلامي، فقال:(لقد أذللنا الدين الإسلامي. وبلغ الأمر أن لا يعين إمام أو فقيه إلا إذا شارك في أعمال الجاسوسية الإفرنسية. ثم عليه كي يرتقي في الدرجة أن يثبت قدرا كبيرا من الحماسة والإخلاص للإدارة الإفرنسية).
وعلى الرغم من أن قانون سنة ١٩٠٥ قد نص على (فصل الدين عن الدولة)، وطلب العمل به في الجزائر بموجب مرسوم ٢٧ أيلول - سبتمر - ١٩٠٧، فإن هذا القانون طبق على جميع الأديان، ما عدا الدين الإسلامي الذي ظل (مؤمما) طوال ليل الاستعمار.