الأحداث قد انطلقت بكل أصالتها، وبكل قوتها مع انتهاء الحرب العالمية الثانية مما يؤكد الدور الحاسم الذي مارسه الشيخ عبد الحميد وإخوانه المجاهدون في بناء القاعدة الصلبة للثورة.
وليس الهدف على كل حال، إجراء حصر لتلك المجموعة المؤمنة المجاهدة، إذ أنها تتجاوز حدود الحصر والإحاطة، ولكن المهم التوقف قليلا عند أبرز الجهود المبذولة لإجراء ذلك التحول الحاسم في حياة الجزائر المجاهدة، والانتقال بها من مواقع الدفاع السلبي إلى مواقع الهجوم الإجابي - إذا صح التعبير وجاز -.
لم يكن من المتوقع - في كل الأحوال - أن تخمد جذوة اللهبة الثائرة التي أطلقها الشيخ عبد الحميد بن باديس من معاقلها، أو أن تموت بموته. وذلك لمجموعة من الأسباب:
أولها: أن ظهور عبد الحميد قد جاء تتويجا لتفاعلات بطيئة ومستمرة عبرت عن أصالة الجزائر الثورية. وكانت هذه التفاعلات أوسع من حدود الجزائر. فقد حمل المجاهدون الجزائريون معهم، وبداية من الهجرة الأولى التي ارتحل فيها الأمير عبد القادر وإخوانه إلى بلاد الشام، حمل هؤلاء معهم رايات الجهاد في سبيل الله، وأناروا بضيائها عالم العرب المسلمين في المشرق - عبر الصحافة والكتب والتعليم - وانعكست هذه الأضواء على صفحة الجزائر المجاهدة.
وثانيها: أن الجزائر المجاهدة لم تعدم أبدا وجود القيادات التي تصدت للحملة الصليبية الإفرنسية، وكان جهد هذه القيادات وتضحياتها المستمرة، هي مشاعل النور على طريق الجهاد. ولئن