وشعبها. وقد كان من الصعب الوصول إلى هذه القناعة التي باتت أساس عمل الثورة، لولا التجربة التاريخية للصراع السياسي الذي قادته الأحزاب.
وكان من الصعب، إن لم يكن من المحال، تجنب الوقوع في الخطأ، فقد كان حوار الإرادات قاسيا ومريرا استنفر فيه كل طرف من الأطراف المتصارعة كل موارد المعرفة والذكاء. وبات من المتوقع ظهور الأخطاء. وإقرارا بالحقيقة التاريخية: كانت أخطاء قيادات الأحزاب أقل بكثير مما يمكن توقعه في مثل الظروف التي عاشتها تلك الأحزاب، وأقل بكثير أيضا مما كانت عليه أخطاء الأجهزة الاستعمارية التي كانت تزعم تفوقها في كل مجال من مجالات الصراع.
لقد سقطت عبر هذا الصراع المرير كثير من القيم والمبادىء، وظهرت مكانها قيم أخرى ومبادىء مغايرة. ورافق ذلك سقوط مريع لبعض المجاهدين وارتفاع رائع في تألق مجاهدين آخرين.
وعبر هذا السقوط والارتفاع، وعبر تجربة الخطأ والصواب، تمرست القيادات الشابة بالجهاد، واكتسبت ما يلزمها من التسلح المادي والمعنوي. فكان أن برزت إلى الوجود تلك القيادة التاريخية التي أخدت على عاتقها السير بالجزائر نحو أفق المستقبل.
ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى لهذه التجربة التاريخية.