فرانكفورت، وبعد المساومات المعهودة تم الاتفاق يوم ٥ تموز (يوليو) ١٥١٩ على انتخاب ملك إسبانيا إمبراطورا للغرب وأصبح يحكم معظم إيطاليا وبلجيكا وهولاندا والنمسا وبعض الشمال الإفرنسي بالإضافة إلى الممتلكات الإسبانية في الأرض الجديدة (أمريكا الجنوبية) ووجدت فرنسا نفسها محاطة بالأعداء وهي تكاد تفقد استقلالها، سيما بعد خيانة مارشال فرنسا (الأمير دي بوربون) أثناء الحرب، واتفاق الأمراء على اقتسام ترابها. وبعد معارك طويلة قاسية، وقع ملك فرنسا أسيرا في إيطاليا يوم ٢٤ شباط (فبراير) ١٥٢٥ وحمل إلى مدريد، حيث أرغم على توقيع معاهدة سلم فيها لأعدائه ما طلبوه منه، وكتب إلى أمه يقول:
(سيدتي، لقد خسرت كل شيء، ما عدا الشرف والحياة). ثم أطلق الإسبانيون سراحه بعد أن ترك ولديه رهينة عندهم. وأرسلت أمه - أو أرسل هو عن طريق أمه - رسالة يستغيث فيها بالسلطان سليمان القانوني لنجدته والتحالف معه. وأجابه سليمان إلى ما طلبه (١) وما كاد يذاع نبأ هذا الحلف بين سلطان المسلمين وملك فرنسا المسيحي، حتى اجتاحت أوروبا موجة من النقمة، وارتفع صوت التنديد بملك فرنسا الذي يستنجد - بالكفار - أعداء المسيحية ضد ملك مسيحي. وأسهم (شارلكان) بهذه الحملة من أجل تضييق الخناق على فرنسا، وأعلن إلغاءه للمعاهدة السابقة التي عقدها مع ملك فرنسا وكان التحالف الذي تم الاتفاق عليه بين الملك الفرنسي ومندوبي السلطان العثماني ينص على القيام بهجوم مشترك ضد إيطاليا. وفي أيار - مايو - سنة ١٥٣٨ جمع السلطان سليمان في ألبانيا جيشا كبيرا من
(١) انظر نص رسالة السلطان سليمان في (قراءات - ٥) في آخر الكتاب.