لقد ظنت فرنسا أنها تستطيع بقواتها العسكرية (إعادة فتح البلاد التي كانت خاضعة لاستعمارها) فمضت في الإعداد لاستخدام هذه القوة. وجاء عيد الأول من أيار - مايو - ١٩٤٥ موعدا احتفل فيه العالم كله بانتصار الحلفاء. وحدث في هذا اليوم، أن ارتفعت الأعلام السورية - في الملعب البلدي - بدمشق، وارتفع العلم الجزائري - علم الأمير عبد القادر - في شوارع الجزائر، وكان سلوك السلطات الإفرنسية واحدا في البلدين، فقد دفعت هذه السلطات جنودها المرتزقة لتفريق المتظاهرين. وسقط بعض الشهداء في البلدين، دمشق والجزائر. تلك كانت البداية. ثم بدأت الأحداث بالتطور.
أرسلت فرنسا يوم ٤ أيار - مايو - ١٩٤٥ نجدة إلى قواتها في سوريا ولبنان تضم (٨٠٠) جندي. وفي يوم ١٧ أيار - مايو - وصل الطراد (جان دارك) إلى بيروت يحمل قوة دعم جديدة تضم (٥١٠٠) جندي بكامل أسلحتهم. وخلال ذلك كانت أعمال الاستفزاز تتعاظم، في دمشق خاصة وفي سائر المدن السورية عامة. حتى إذا ما جاء يوم ٢٩ أيار - مايو - قامت القوات الإفرنسية بقصف دمشق بالقنابل، ودفعت جندها لإبادة حرس المجلس النيابي - البرلمان - وكانت مذبحة رهيبة، غير أن المقاومة استمرت، واستطاعت معظم المحافظات السورية السيطرة على الموقف وعزل القوات الإفرنسية وتطويقها. وأصبح الموقف خطيرا يتهدد فرنسا بأكثر مما يتهدد سوريا. وتدخلت إنكلترا كوسيط. واتخذ قرار في مجلس الأمن بإجلاء القوات الأجنبية عن سوريا (وتم ذلك في ١٧ نيسان - أبريل - ١٩٤٦