يبرز فضل (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) التي مارست دورها خلال هذه الفترة في تكوين تيار إسلامي - عربي، وبناء قاعدة صلبة للثورة، لم تلبث أن أسهمت في ربط الدورة بأصالتها التاريخية، وبالتراث النضالي للبلاد. وبقي الشيء المهم في قيادة الثورة الجزائرية، وهو ليس الافتقار إلى الزعيم الفرد، بل وجود القيادة التي تمتد إلى مسافات عميقة داخل صفوف المجاهدين.
ولعل العزوف عن تنصيب قائد فرد في موقع القمة هو الذي يفسر إحباط المحاولات التي قام بها (مصالي الحاج) للسيطرة على الحركة الوطنية الجزائرية وهي الوسيلة التي كانت تكمن وراءها رغبة الزعماء الجزائريين في عدم السماح لفرد واحد لاتخاذ قرارات قد تكون مهلكة وقاتلة، عندما يتخذها هذا الفرد، متأثرا بحوافز وانفعالات شخصية، هذا بالاضافة إلى صعوبة التأكد من قدرة الفرد، أي فرد - على الاستمرار في مواجهة قتال العصابات ومصاعبها ومتطلباتها في حرب طويلة الأمد. ولا يعني هذا أن بعض القادة السياسيين (في قيادة جبهة التحرير الوطني) والقادة العسكريين في (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) والتي تحولت إلى (جيش التحرير الوطني) لم تستهوهم وتستميلهم فكرة الوصول إلى مرتبة القيادة الانفرادية المعترف بها. ولا ريب في أن عددا من العسكريين قد أرادوا ممارسة السلطة المطلقة على نطاق ضيق - استجابة لمتطلبات حرية العمل العسكري وظروف حرب العصابات -. ولا ريب في أن بعضهم قد تمكن من تحقيقها لنفسه في وقت معين وفي إطار
ظروف محددة وقاهرة. ولكن المقاومة التي أبداها الزعماء