المستوصفات - مراكز التمريض - في كل النواحي والأقسام.
...
تلك هي سطور قليلة في قصة بداية الثورة وفي عرض فصول هذه البداية من الإيجاز قدر ما فيها من التفصيل، وفيها من التشابه قدر ما فيها من الإضافات المثيرة والمفيدة في آن واحد. وقد كان بالمستطاع دمج تلك الفصول (الأقاصيص) في رواية واحدة لحذف ما ورد فيها من تشابه أو تكرار، غير أنها والحالة هذه ستفقد كثيرا من صورها الجمالية، كما ستفقد طبيعتها الطوعية في سرد الأحداث. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التكرار المقبول في بعض الأحيان هو مما يساعد على تركيز بعض النقاط الهامة والحاسمة في (قصة بداية الثورة).
لقد بدأت الثورة بعد مرحلة طويلة من المخاض العسير، ولو أن الإعداد في المرحلة الأخيرة لم يتجاوز الشهور القليلة. ويعتبر ذلك برهانا حاسما، لا يقبل الجدل والنقاش، على قوة قاعدة الثورة في الوطن الجزائري وصلابتها، وهي القاعدة التي استمر العمل لبنائها ودعمها عشرات السنين. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن انطلاقة الثورة من المنطقة الشرقية، وثبات قاعدتها فيها، لا يعود إلى العامل الجيواستراتيجي فقط، أي الى صعوبة منطقتي الأوراس والقبائل من الناحية الجغرافية، بقدر ما يعود الى طبيعة العامل البشري (الديموغرافي). فقد استطاع المسلمون في هذه القاعدة المحافظة على أصالتهم، والتمسك بعناصر قوتهم (الإسلام والعروبة)، فكان في ذلك الأساس الثابت للبناء الثوري الضخم.