الإسلام المغاوير، جاهد فوق متن البحار جهادا لا هوادة فيه، ضد أعداء ملكه، وضد أعداء دينه. على أنه كان ملتزما خلال جهاده هذا، بكل القواعد والأسس التي كان العمل جاريا بها خلال تلك الحقبة من التاريخ، فلم يكن أبدا، أكثر قسوة ولا أقل قسوة، من الأعداء الذين كان يمعن في محاربتهم، وعندما سنحت له الفرصة، وأمكنته غزواته من جمع قوة كافية حوله، تمكنه من القيام بجلائل الأعمال، حاول إنشاء إمبراطورية في الشمال الأفريقي، حيث كانت الفوضى ضاربة أطنابها. أما الوسيلة الوحيدة التي كانت تمكنه من إدراك تلك الغاية وتضمن له البقاء والاستمرار، إنما هي إبعاد المسيحيين عن البقاع التي يحتلونها في البلاد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف أخذ يحارب المسيحيين قبل كل شيء، في شخص حلفائهم والخاضعين لهم، حتى يقطع عن النصارى كل طريق يتزودون منه، ويضطرهم بذلك إلى الإعتماد خاصة على ما يرد عليهم من إسبانيا. ولقد كانت بداية أمره سعيدة. وكان انتصابه بالجهات الغربية، يسمح له بإلقاء المهاجمين الإسبانيين إلى البحر لولا أنه قتل بسبب خديعة حلفائه. ولقد مات، مأسوفا عليه كل الأسف من قبل جميع الذين انضووا تحت رايته وعملوا تحت لوائه).
أما المؤرخ الكبير (شارل أندري جوليان) فيقول في مؤلفه (تاريخ الشمال الأفريقي):
(وهكذا انتهت في سن الرابعة والأربعين، هذه الحياة المجيدة في ميدان المغامرة، إنه هو الرجل الذي أنشأ القوة العظيمة لمدينة الجزائر وللبلاد البربرية - إنه بنظرة صادقة لا تخطيء، وهي نظرته المعتادة، قد أدرك مدى ما تستطيع أقلية عاملة تحقيقه في وسط مليء