لم تكن هذه العمليات إلا صورة عن الأعمال البطولية الرائعة التي ساعدت جيش التحرير على فرض سيطرته التامة في كل المناطق العسكرية الست. ولم يبق أمام جيش التحرير إلا أن يفتح المدن التي تعتصم فيها قوات العدو وراء تحصيناتها المنيعة. ثم يزحف على الصحراء الكبرى لاكمال عملية تحرير البلاد، وهذا ما فعله فيما يطلق عليه اسم (حملة الخريف).
كان من نتيجة تطور عمليات المجاهدين حدوث هياج في الأوساط الاستعمارية، فأسرعت القيادة الافرنسية في طلب النجدات من حلفائها. وأخذت قوات الدعم ووسائط القتال في التدفق من فرنسا وأمريكا وحلف شمال الأطلسي إلى الجزائر. وكان من بين هذه النجدات (٣٧٩) مدرعة خفيفة مسلحة بمدفع من عيار (٢٧ مم) - من عربات الاستطلاع المدرعة - التي برهنت على فاعليتها في الحرب ضد الثوار بسبب مرونتها وخفة حركتها وتسطيحها الجيد وقوة تصفيحها. جابهت قيادة جيش التحرير هذا الموقف بالمزيد من التصميم والعناد، فأعلنت التعبئة العامة (في ١٩ افريل - نيسان - ١٩٥٧) ووجهت الدعوة الى الشبان من سن ١٨ الى من ٢٠ عاما. من أجل حمل السلاح. وحملت الدعوة طابع الفورية والإجبارية، وتعرض من يخالفها للعقاب القانوني. وفي الواقع، فإن قيادة جبهة التحرير لم تجد حاجة لفرض العقوبات، فقد وجد هذا النداء صداه العميق في نفوس المواطنين الذين أقبلوا على التطوع بحماسة، والإلحاق بمراكز التدريب.
وصلت كتلة الإمدادات الأمريكية للجيش الافرنسي في الجزائر خلال شهر (جوان - حزيران - ١٩٥٧) وجابه جيش التحرير ذلك بتصعيد أعماله القتالية، وأمكن له إحراز النصر تلو النصر، وما فتئت