عن كل ما تتضمنه تلك المنشورات والوثائق، إذ من الصعب الإحاطة بها لوفرتها، وإذن فلا بد من انتقاء بعض هذه الوثائق، بقدر ما هو ضروري لإبراز تطور جيش التحرير وأعماله.
وعلى سبيل المثال - لا الحصر - وفي مجال (إقامة السدود) ومحاولة عزل الجزائر، كتبت نشرة جزائرية ما يلي:
(كان الجيش الأفرنسي يحاول عزل الجزائر عن بقية العالم ببناء السد المكهرب الغربي، خلال شتاء ١٩٥٦، والسد الشرقي المسمى بخط موريس، أثناء النصف الثاني من سنة ١٩٥٧. وكانت معركة الحدود هذه تعتمد بالنسبة للقوات الاستعمارية على طرد (٢٨٠) ألف جزائري من ديارهم وقراهم وأرضهم وتكوين سد مجمد على جهتي الحدود. وبلغ عدد اللاجئين الجزائريين حده الأقصى خلال شتاء (١٩٥٧ - ١٩٥٨). ورد جيش التحرير على ذلك بالتمركز في الأماكن الواقعة على حدود البلاد والسد المكهرب الذي أقيم حول الخطوط الحديدية.
لكن هذا السد الذي كان من المقرر أن يستخدم (لخنق الجزائر) لم يكن في الواقع إلا عملا باهظ التكاليف وقليل الفاعلية، جندت فرنسا من أجله جهازا حربيا صخما، وألقى جيش التحرير لتجميد هذا الجهاز بجزء من قواته فقط، كما أفاد من هذه العطالة لتطوير تدريبه وتسلحه، ثم قام بهجمات محلية أو عامة بداية من جويليه - تموز - ١٩٥٨. ولم ينفك جيش التحرير الوطني من متابعة حربه ضد السد المكهرب (في إطار العصابات) مع تأمين إرسال الأسلحة الحديثة وزيادة عدته وعتاده.