للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرن من الزمن، تنتظر الفرصة المناسبة وتتحين الظرف الملائم الذي أوجدته ثورة الفاتح من تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٥٤. فكانت هي الإيذان لتلك القيم بالظهور، على طبيعتها، فبهرت الدنيا وأدهشت العالم.

...

كان جيش التحرير الوطني هو التنظيم الذي مكن تلك القيم التي كانت حتى الأمس كامنة، بالظهور. وكان جيش التحرير هو الذي آلت إليه تلك القيم، فأعطاها النظام الملائم. لقد بدأت فرق جيش التحرير، في أول الأمر، قليلة لا تملك إلا التوجيهات العامة، ثم جاء مؤتمر (٢٠ أوت - آب - ١٩٥٦) الذي أعطى بعد ذلك نظاما موحدا لجيش التحرير في كامل ولايات الكفاح في القطر الجزائري، والذي سن قوانين محددة لا يتعداها المجاهد، ويرجع إليها جميع القادة. وهكذا أصدر ذلك المؤتمر قرارا بتحريم الإعدام ذبحا، وتحريم جميع أنواع التمثيل بالشخص أو التشويه بخلقته. كما نص على أن كل من يتعدى على عرض فتاة أو امرأة محكم عليه بالإعدام. وعلى أن تنفيذ الإعدام لا يتم إلا بعد محاكمة شرعية قانونية، يتمكن فيها المتهم من الدفاع عن نفسه، كما أمر بوجوب العناية بالأسرى. وانصرف قادة الجيش بعد المؤتمر إلى مختلف ولاياتهم يطبقون نظاما واحدا، ويرجعون إلى قانون واحد، وتقودهم إلى الهدف الواحد أخلاق واحدة، وسلوك مثالي مشترك. وبذلك تكون الثورة قد أقامت الدليل عل أنها تمثل القيم الأخلاقية للشعب الجزائري.

لم تكن تلك النظم برنامجا من وضع شخص بمفرده، ولكنها كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>