أضرم رجال المقاومة النار في ثلاث مزارع (بوهران) وفي مستودع (للحلفا) يميناء الغزوات فكانت الخسائر فادحة. كما أحرقوا مزارع أوروبية قرب (سيدي بلعباس).
تبرز الصفحات القليلة السابقة إستراتيجية (المجاهدين الجزائريين) بكل أبعادها، فالعمليات التي تم عرض لمحة عنها تمثل نشاطا عاما، يمتد على الصفحة الجزائية للقطر الجزائري بكامله. وهي عمليات صغرى في معظم الأحيان، غير أن كثرتها كافية لإرهاق العدو، ووضعه تحت الحذر الدائم (إنها إستراتيجية وخز الإبر) التي تستنزف من قدرة العدو وروحه المعنوية بأكثر مما تحدثه العمليات الكبرى، وهي على صغرها أيضا تستنزف قوة العدو المادية، فقتل جندي أو عشرة جنود لا يشكل شيئا بالنسبة لحجم القوات الإفرنسية المضخمة، غير أن قتل جندي في كل مكان يشكل في المجموع العام رقما كبيرا لا يستهان به. وبهذه الإستراتيجيات المتداخلة والمعقدة (وخز الإبر) و (الاستنزاف) و (العزل) وقع (الثور الجريح) في حالة من الهياج، فراح يضرب ضرب عشراء، والأمر الذي زاد من موقفه سوءا. فعندما يتساوى الموت مع الحياة، يهرب الإنسان من الموت الأدنى إلى الموت الأعلى، من الموت من دون غاية أو هدف إلى السعي للموت من أجل غاية نبيلة وهدف شريف. وكان جيش التحرير (يمثل بمجاهديه وفدائيه ومسبليه) الغاية النبيلة والهدف الشريف فلا غرابة في أن تتعاظم قوات جيش التحرير الوطني باستمرار. وقد كان لهياج الثور الجريح (الإستعمار الإفرنسي) دور لا ينكر في دعم هذا التطور (على غير إرادة من الإستعماريين دونما شك أو ريبة).