للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم حفر حفرة كبيرة. وكان صوت الحديد المرتطم بالأرض يختلط بأنين الشيوخ العجز الضعفاء، فيشكل لحنا حزينا يثير الأسى ويبعث الألم وعندما تجرأ أحد الشيوخ، وقد خارت قواه، فطلب جرعة ماء، يطفيء بها نار أحشائه، بادره جندي شجاع بلكمة قوية في بطنه قذفت به كالكرة وهو يتدحرج على أقدام إخوانه.

وكلما نال الإعياء من هؤلاء الضحايا المعذبين، صاح بهم الجنود يأمرونهم بالإسراع في العمل وهم يوجهون إليهم الكلمات بالأيدي والرفس بالأرجل حتى نال الإعياء أخيرا من هؤلاء الجنود ذاتهم، فذهبوا للراحة، وأسلموا ضحاياهم إلى بعض الجنود (السنيغاليين) الذين أظهروا سخطهم على عمل زملائهم. وأبدوا نحو هؤلاء المستضعفين كثيرا من الرأفة والشفقة - باعتبارهم مسلمين مثلهم، وباعتبارهم خاضعين للاستعمار أيضا، فمكنوهم من الاستراحة، وقدموا لهم بعض الماء، وهذا كل ما كان باستطاعتهم عمله.

جاء اليوم التالي، وسلك جنود الاستعمار طريقا جديدة للتعذيب، فحزموا ضحاياهم بأربطة من الأسلاك الشائكة على ظهورهم، وأمروهم بالسير (أمام أرملة - سينكا) وكانت الجراحات العميقة تخطط جلودهم. وقام أحد الجنود بإشعال النار في ذقن (لحية) شيخ وقور فيما وقف رفاقه المجرمون يقهقهون ضحكا على هذا المشهد الغريب ويطلقون تعليقاتهم الساخرة. وأعيد بعد ذلك الشيخ إلى حفرة الماء، حيث إلتهب جراحهم، واستمر تعذيبهم على هذه الصورة طوال خمسة أيام - لم يقدم لهم خلالها أي طعام ولا ماء.

ولم تعرف لهذه القصة الحزينة نهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>