وخارجه. وفي الجزائر أقيمت الأفراح وتواصلت الاحتفالات بمناسبة هذ النصر المبين الذي كتبه الله للمرة الثالثة في ظرف ثلاثين سنة. وكان يهود العاصمة أكثر الناس اغتباطا وفرحا، لما كانوا يضمرونه من حقد وعداوة للإسبان الذين أذاقوهم كل أنواع العذاب والاضطهاد يوم كانوا بأوروبا. وقد وجد اليهود هنا الأمن والاستقرار والمجال لممارمة نشاطهم مما جعلهم يخافون انتصار الإسبان على الجزائر. وبمجرد انسحاب شارل الخامس اطمأنت قلوبهم وصاروا يصومون اليوم الثالث من شهر ششران، ويحتفلون في الرابع منه - ببورم الأول - (١٠٨) وكانوا ينشدون القصائد من نظم رباني العاصمة (مثل مشيش) و (إبراهيم بن يعقوب تواه) و (إبراهيم بن سليمان صرفتي) وهي قصائد في تمجيد الانتصار الجزائري ومدح بطولة الجزائريين وهزيمتهم للأعداء كلما تجاسروا على غزو العاصمة. وبقي اليهود إلى القرن التاسع عشر يحتفلون كل عام بذكرى (١٠٩) = ١٥٤١م.
وفي الخارج (بقي رعب المسلمين في قلوب أهل أوروبا لمدة طويلة). ولم يعد شارل الخامس قادرا على التفكير في حملة أخرى ضد الجزائر. وطغى شبح خير الدين وحسن آغا على العامة والخاصة حتى أصبح الناس إذا رأوا جفنا عن بعد نسبوه إلى خير الدين، فيتصاعد الصراخ ويكثر العويل ويفر السكان من ديارهم ومن حقولهم ومتاجرهم. وإذا حطمت الزوابع مركبا توهم الناس أن خير الدين بربروسة هو الذي أثار البحر وهيجه وأغراه على إغراق سفنهم. وبلغ الخوف من قادة الجزائر أقصى درجة حتى أصبح أهل إسبانيا وإيطاليا إذا ما حدثت جريمة أو سرقه أو وقع فساد أو تخريب أو مرض أو وباء أو قحط قالوا خير الدين وأصحابه هم السبب في ذلك. وكانوا في عويلهم يرددون: