هنا هي قضية تسجيل تاريخي لمرحلة معينة قد يكون من الضروري جدا - لأمانة البحث من جهة، ولإجراء المقارنة مع التطور اللاحق من جهة ثانية، عدم إسقاط تلك الأحداث أو إجمال تلك الوثائق - وهنا أيضا، وإذا كان من المحال ذكر كل ما هو متوافر من الوثاثق فلا أقل من التعرض لبعضها وتحقيق نوع من التوازن الذي يحقق الهدف، وهو: لا إيجاز يخل بالموضوع ولا إسهاب يبتعد بالبحث عن غرضه. تبقى هناك نقطة لا بد من ذكرها:
لقد سقط في حرب التحرير مليون ونصف المليون من الشهداء الأبرا ر، ولكل شهيد قصة تستحق التسجيل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فقد تعرضت كل قرية وكل ضاحية وكل مدينة لأحداث لا يمكن حصرها وكلها تستحق النسجيل، لأنها تراث تاريخي وتجارب هامة تشكل بمجموعها قصة التجربة التاريخية للجزائر في معاناتها مع الاستعمار. غير أن الإحاطة بكل تلك الأحداث هي من الأمور التي يصعب بلوغها وهنا أيضا كان لا بد من الاختيار والانتقاء. وهذا الاختيار والانتقاء لا يعني أهمية هذه الأحداث أكثر من سواها. ولا يعني إعطاءها الأفضلية على غيرها.
ولعل من المناسب الإشارة إلى أن المتحف الوطني للمجاهد - مركز الوثائق - والمركز التاريخي للبحوث في الجزائر، يعكف حاليا على جمع ما يستطيع جمعه من (قصص المجاهدين) وقد تكون لدى هذه المراكز نتاج ضخم - وقد يفتقر إلى الوثائقية الدقيقة، غير أنه يضم يقينا تراثا ضخما قد يظهر في المستقبل صورة أكمل وفكرة أفضل عن دور المجاهدين في الثورة، ويساعد على إغناء مادة (البحث التاريخي).