انضباطية) غير أن المجاهدين يدافعون عن ذلك قائلين: إنه تنفيذ لأحكام (محكمة عسكرية). فالعرب الذين يتعاونون مع الأعداء، ويرفضون الإصغاء إلى الإنذارات، يحكمون بالخيانة، والتعاون مع العدو، وهذا يستدعي حكم الموت. وأكد لي رجل سياسي من (المجاهدين): بأنهم لا يطلبون إلى هؤلاء تبديل موقفهم ومساندة منظماتهم، بل مجرد التخلي عن خدماتهم في المؤسسات الفرنسية. والبقاء دون أي نشاط. فإذا كان هذا ما يسمونه -الإرهاب - فليكن. وإن المرء ليجد مثيلا لهذا في تصفية الذين يتعاونون مع الاحتلال الألماني في السويد، وكان يشرف على ذلك عدد من منظمات المقاومة في بلدان عديدة من أوروبا الغربية، خلال الحرب العالمية الثانية.
...
تسمى الجماعات التي تعمل في مدنها أو مناطقها (الفدائيين). ويتناقل الناس قصصا فريدة عن معارك هؤلاء الفدائيين. فإذا ما لقي أحد هذه الجماعة حتفه متأثرا بالتعذيب الذي يلقاه على يد الجنود الفرنسيين، تسلل أفراد الجماعة ليلا إلى مراكز العدو، إلى حيث يوجد المسؤول عن قتل زميلهم، ويختفوا بعد أن يذبحوا العشرات من الجنود الفرنسيين. وتطرق الآذان قصص هؤلاء الفدائيين فقد جاء تقرير يقول إن أحد الأسرى من المجاهدين، يكاد أن يتكلم ويبوح بالأسرار تحت وطأة التعذيب الهائل. فما كان من الضابط إلا أن أرسل أحد عشر متطوعا لقتل رفيق السجين. ولم يعد من الأحد عشر سوى واحد فقط. والفدائي جندي نموذجي، والفقرات الأربع الأولى من القسم الذي يلفظه الفداني بالغة الروعة.