للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي اشتهرت بها الخيمة والمنزل في الجزائر. فصاحب الدار يقدم بنفسه للجنود الماء، ليغسلوا أيديهم ووجوههم في الصباح وقبل الأكل وبعده. ويعرض عليهم كذلك عند نزولهم عنده الشاي والقهوة. ولا يمكن أن تسمع في جيش التحرير كلمة نابية -بذيئة -. والكل ينادي الآخر بعبارة (يا أخي أو - يا صاحبي!). وهم يتذوقون حلاوة النوادر المضحكة ذاتها، ويستمتعون بالأغاني الشعبية التي توحي بها المعارك البطولية، وكثيرا ما يساهم الجنود في حراثة الأرض التي تركوا خدمتها مند ما يقارب السنتين.

وبما أن جيش التحرير يضم أغلبية ساحقة من أهالي البادية، فإنه يشتهر بذات الصفات التي اشتهروا بها، وأبرزها: الصبر والصمود والبساطة. ويملك معظم الجنود قطعا صغيرة من الأرض كانوا يعملون فيها بأيديهم، ومنهم من كان يعمل عند المعمرين، من غير أن يكون له مورد رزق آخر. ولذلك، فإن جيش التحرير يضم جماعة ممن تطوعوا للحرب في (الهند الصينية) للحصول على مورد للرزق.

وأما سكان المدن، فيمثلهم في جيش التحرير أولئك العمال الذين عاشوا طويلا في فرنسا، وأولئك الطلاب الذين كانوا في معاهد الجزائر أو فرنسا، والتحقوا بالجبال. وكذلك الأطباء الذين هجروا مراكزهم وانضموا الى الجيش كجنود. والحقيقة هي أن العناوين ليست هي المقياس في الاضطلاع بالمسؤوليات، إنما هي الكفاءات، ولذلك فإنه كثيرا ما يكون قائد الوحدة عاملا أو فلاحا بسيطا كونه الكفاح والجهاد.

إن جيش التحرير الوطني الجزائري هو جيش ثوري، ومعنى ذلك أنه يتكون في معظمه من الشبان الذين يدفعهم الإيمان،

<<  <  ج: ص:  >  >>