للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغريب بعدها أن تسفر تلك التحقيقات - أو الاستنطاقات - عن اكتشاف قتل أربعة أو خمسة من المتهمين بارتكاب حادثة واحدة قام بتنفيذها رجل واحد وعندما يخرج المتهم - حيا - من أيدي المحققين (الشرطة أو الجيش) يحال إلى القضاة الفرنسيين، وقد يتخيل الإنسان أن المظالم قد انتهت عند هذا الحد، غير أن من يعرف (من هم القضاة؟) يدرك أن للقصة بقية.

إن القضاة هم فرنسيون قبل كل شيء، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، واجبهم الأول هو الدفاع عن النظام الاستعماري الفرنسي، أو ما يسمونه (الجزائر الفرنسية). فالقضاة يحاربون بأسلوبهم الخاص ضد المجاهدين الجزائريين. وليس هناك أي فارق عملي، من هذه الناحية، بين القاضي الفرنسي والجندي الفرنسي، إنهم جميعا يشكلون ما كان معروفا باسم (الجهاز الاستعماري). وإن الذين يتولون محاكمة الجزائريين (مجاهدين أو

مواطنين مدنيين) هم من الفرنسيين الذين ينظرون الى الجزائري نظرتهم إلى عدو قبل كل شيء، لا نظرتهم الى متهم بريء لا تجوز إدانته قبل ثبات التهمة عليه. ويكتفي معظم أولئك القضاة بالتصديق على تقارير تحقيقات الشرطة (البوليس) غير ملتفتين إلى أي احتجاج يصدر عن الجزائريين الأبرياء.

وبتطبيق قرار ١٧ آذار - مارس - ١٩٥٦، بات من المحال على القاضي إجراء تحقيق أو بحث حقيقي، لأنه لم يعد أمام المتهم فرصة زمنية كافية لتكليف محام من أجل الدفاع عنه. أما في المحاكم العسكرية، فإن ضباط الجيش الفرنسي هم القضاة، أي ذات الضباط الذين يرتكبون الجرائم في كل يوم خلال (عمليات التطهير والتهدئة) حيث يقتلون كل يوم من يقع تحت نظرهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>