للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإثارة الذي يمثله المستعمر معها قصد كسب ثقتها، لأنها على رأس خلايا المجتمع. ولقد رأى أنه لا طريق أحسن وأضمن للوصول إلى تدمير شخصية هذا الشعب وأصالته وفضائله إلا بالاستيلاء على عقل المرأة، حتى تكون بعد ذلك أداة لتحويل الأسرة وبالتالي المجتمع عن هذه الأصالة. ولقد تعمدت - أكثر - التمسك (بالحجاب) واستماتت أكثر في التمسك - بالعادات والتقايد حتى لا تترك للمستعمر ثغرة ينفذ منها لمحاربة شخصيتها.

هذه لمحة تاريخية وجيزة عن دور (المرأة الجزائرية) عبر التاريخ، والتي برهنت عن وعيها ووطنيتها واسماتتها من أجل الحفاظ على الوطن وقيمه وشخصيته. وما المرأة المجاهدة إلا امتداد طبيعى لتلك المرأة الجزائرية التي ما بخلت يوما أو تأخرت عن العطاء والتضحية.

...

لقد كانت الحرية أبدا هي الشيء الذي لا بديل له لتقدم العقل وتطور الروح. وقد كان غياب الحرية باستمرار هو أداة تجميد العقل وإصابة الروح بالشلل. وبرهنت التجربة التاريخية عامة، وتجربة التاريخ العربي - الإسلامي منها خاصة بأن أي تقدم للبشرية، وأي تطور للانسانية مرهونان بالحرية والعدالة. والحرية شيء لا بديل له، لأنه ليس كالأشياء الأخرى التي تكتب بالبيع والشراء، وإنما هي شيء لا يمكن تحقيقه إلا ببذل الأرواح والدماء رخيصة في سبيله، شيء لا يمكن شراؤه ولا بيعه ولا التفاوض على كسبه. وهنا يمكن القول بأنه ليس من قبيل المصادفة أن ترتبط الدعوة إلى تحرير الوطن بالدعوة إلى تحرير المرأة. وقد كان ذلك هو هدف جهاد المتعلمين والمفكرين والمصلحين - بل إن الرواد الأوائل الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>